على الضفة الغربية لبحيرة (وان) أكبر بحيرة في تركيا, تتربع هذه الولاية والتي تعتبر المركز النابض بالتاريخ والسياحة والعراقة في جنوب شرق تركيا. اكتسبت هذه المدينة اسمها من اسم بدليس أحد قواد جيش الاسكندر المقدوني وهو الذي بنى قلعة في هذه المنطقة منذ آلاف السنين. وتعدّ بتليس، حاضنة للتاريخ والعلم وتعدد الثقافات، خصوصا أنها خضعت على مدار 7 آلاف عام من عمرها لحكم إمبراطورية ميديا، والفرس، والمقدونيين، والرومان، والبيزنطيين، والسلاجقة، والعثمانيين. وبسبب هذا الثراء الحضاري والثقافي الكبير، فالمدينة تحتضن العديد من الآثار التاريخية العريقة، والمدارس والمساجد، إلى جانب طبيعتها الساحرة التي تستحوذ على قلوب زوارها من الوهلة الأولى.
تشتهر ولاية بتليس جنوب شرقي تركيا بتضاريسها المتنوعة التي تجعل منها جهة متميزة لكل من السياح الأتراك والأجانب على حد سواء وعلى مدار العام. إذ تشتهر الولاية بمنتجعها الشتائي بتليس على ارتفاع 3000م عن سطح البحر، المؤهل لاستقبال المحترفين والهواة لرياضة التزلج على الجليد مما يجعله مقصدا مهما لمحبي هذه الرياضة الشتائية ومن ضمن مراكز التزلج الأكثر شهرة في البلاد. وعلى امتدادا السفوح العالية والمنحدرات الشاهقة، تقع بحيرتان من أجمل بحيرات العالم تضيفان جمالية خاصة إلى المكان.
فمن جهة الشمال تطل بحيرة نمرود البركانية التي تقع في نفس الولاية، ومن جهة الشرق بحيرة وان المترامية الأطراف المشهورة. تعتبر بحيرة نمرود في الولاية ثاني أكبر بحيرة بركانية في العالم، والأكبر على الإطلاق في تركيا بمساحة 13 كيلومترا مربعا، ومن الوجهات السياحية الأكثر أهمية في تركيا. هذا وتحتوي على العديد من الينابيع الحارة والباردة، إضافة إلى ومغارة من الجليد وغرف بخار طبيعية ، وكل ذلك في إطار يأسر ألباب السياح المحليين والأجانب حتى إن بعضهم يحرص على زيارتها كل عام.
عدا أن البحيرة نفسها وجهة مهمة لعشاق التزلج في فصل الشتاء ولمحبي الطبيعة في فصلي الربيع والصيف. وتعانق بتليس بحيرة وان، أكبر بحيرة مالحة في تركيا (3.755 كم مربع، وتشكل البحيرة مصدرا للسياحة والاستجمام للمدينة. إلى جانب بحيرة (وان)، لدى بتليس عدد من البحيرات الكبيرة والصغيرة مثل (آرين) و(آيغر) و(نازيك)، التي تشهد رياضات مائية مختلفة تجذب هواة هذه الرياضة من شتى أنحاء البلاد. كما يعد جبل (سبحان) البالغ ارتفاعه 4 آلاف و58 مترا، مركزا لاستقطاب هواة تسلق الجبال والتخييم، والرياضات الجبلية الأخرى في الولاية. يقول (رمضان غنجان)، مدير الثقافة والسياحة في بتليس، إن “المدينة تعد بمثابة كنز مدفون لم يكتشف بعد، لما تحتضنه من معالم تاريخية عريقة ومكتبات قديمة وطبيعة ساحرة”.
وكما أوضح أن الولاية احتضنت السلطان السلجوقي ألب أرسلان، في القرن العاشر، خلال الفتوحات الإسلامية بمنطقة الأناضول. وأضاف غنجان أن قضاء “أخلات” بالمدينة يعتبر المنطقة التي انفتح منها الأتراك على فتح المناطق الأخرى في الأناضول. وقال إن القضاء يطلق عليها اسم “قبة الإسلام”، تشريفا له. وأردف في السياق ذاته قائلا إن قضاء “أخلات” يحتضن أكبر مقبرة إسلامية تركية في العالم تحمل اسم “مقبرة السلاجقة”، وفيها 8 آلاف و200 ضريح. وتابع المدير موضحًا أن بتليس كانت مركزا علمياً إسلاميا، عاش فيها أو ارتادها علماء كثر أبرزهم بديع الزمان سعيد النورسي، وإدريس البتليسي، وشكري البتليسي، وشمس البتليسي. ومضى قائلا: “بتليس في موقع يجعلها متحفا في الهواء الطلق، ينتظر من يكتشفه”، مبينا أن السياحة لا تنضب في المدينة طول العام بمواسمه الأربعة.